| ]

مقدمة
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، والصلاة والسلام على أفضل خلق الله حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد
جعل الله الزواج سكنا للزوجين فقال سبحانه وتعالى :"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"(الروم 21)
ورغب الإسلام فيه كثيرا ، فقال الله تعالى :"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع" (النساء 3)
وقال عليه الصلاة والسلام :"النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني"
والنصوص في الترغيب في الزواج كثيرة ، لما فيه من تحصين النفس ، والإكثار من الذرية ، وغير ذلك من المصالح الدنيوية والأخروية
وفرق الإسلام بين النكاح والسفاح ، وبين الطهر والعهر ، فقيد النكاح بالعقد الصحيح لحفظ الفروج ، وحفظ الأنساب ، وإلا تصبح الحياة فوضى
ومن صور العقد الفاسد قول المرأة للرجل "زوجتك نفسي" أو ما ماثلها كـ"ملكتك نفسي" ، "أنكحتك نفسي" ، "أعطيتك نفسي" ..
وتتزوجه بلا إذن ولي أمرها ، وأغلبهم لا يحضرون شهودا ، ولا يسمع بهم أحدا
وهذا لا فرق بينه وبين الزنا ، فزواجهما كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم "باطل باطل باطل"
ومنه أقول:

من جهلهما قالت له زوجتك نفسي
لا قريـب ولا بعيد أحضره عرسي
ولا ولي أسمعه بفرحـي ولا ببأسي
متبعة أبي حنيفة من دون كل الناس
فهو جعل الولي شرط غير أساسي
وأجعل قول الجمهــور بالمداس
فمسكينـــان أمرهما في التباس
ونكاحهما باطل فاسد ماله من رواس
ويعتبرا زانيان فليكونا في احتراس
وليتبعا الحق الذي ليس فيه التباس

وهذا بحث فيه بيان بطلان هذا النكاح بالأدلة الشرعية
أسأل الله أن ينفع به وأن يوقض به البصائر الغافلة ، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم

الأمة الفقيرة لعفو ربها
أم الليث



شروط صحة النكاح

شروط النكاح :
1) تعيين الزوجين
2) رضا الزوجين
3) الولي:و هو الأقرب من العصبة من النسب ثم من السبب ثم من عصبته وليس لذوي السهام ولا لذوي الأرحام ولاية وهذا مذهب الجمهور
4) الشهادة : فلا ينعقد إلا بشاهدين عدلين بالغين
5) كون الرجل كفؤا (من 1إلى 5 من مختصر الإنصاف والشرح الكبير)
6) الصداق
7) إعلان النكاح
إذا خلا النكاح من شروط الصحة فالنكاح باطل ، فاسد

فرق بين النكاح والسفاح

قال ابن القيم :"شرط في النكاح شروطا زائدة على مجرد العقد فقطع عنه شبه بعض أنواع السفاح به كاشتراط إعلانه إما بالشهادة أو بترك الكتمان أو بهما واشتراط الولي ومنع المرأة أن تليه وندب إلى إظهاره حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة وأوجب فيه المهر
ومنع هبة المرأة نفسها لغير النبي وسر ذلك أن في ضد ذلك والإخلال به ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح كما في الأثر إن الزانية هي التي تزوج نفسها فإنه لا تشاء زانية تقول زوجتك نفسي بكذا سرا من وليها بغير شهود ولا إعلان ولا وليمة ولا دف ولا صوت إلا فعلت ومعلوم قطعا أن مفسدة الزنى لا تنتفي بقولها أنكحتك نفسي أو زوجتك نفسي أو أبحتك مني كذا وكذا فلو انتفت مفسدة الزنى بذلك لكان هذا من أيسر الأمور عليها وعلى الرجل فعظم الشارع أمر هذا العقد وسد الذريعة إلى مشابهته الزنى بكل طريق " (إغاثة اللهفان ج1/ص366)

أدلة القائلين بجواز هذا النكاح والرد عليها

1) أن في الأمر سعة لأن الأمر مختلف فيه ، فأبو حنيفة جوزه ، ويرد عليهم أن الصحابة كلهم ، وجمهور أهل العلم يقولون ببطلانه ، كما سيأتي واضحا ، وهذا اجتهاد من أبي حنيفة ، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم
فلا يتبع الإنسان هواه في أمر واضح كوضوح الشمس في النهار لقول إمام إجتهد ، قال سليمان التيمي لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله

2) أن معظم الأنكحة تمت بدون حضور ولي الأمر ، فإن قلنا ببطلان النكاح وفساده ، أضررنا بالناس وأبطلنا معظم الأنكحة ، فيرد عليهم من أين لكم هذا؟ فمعظم أنكحة الناس ولله الحمد تمت بحضور ولاة أمورهن ، وإن فرضا سلمنا أن معظم الانكحة تمت بدون حضوره فهو فاسد وباطل للأدلة القوية التي تبطله ، وقولكم هذا كمن يقول لقد عمت البلوى والناس يتعبدون بالقبور فلا يمكن أن نقول مشركين لكثرتهم ...هذا لعمري هو عين الجهل ... فالحق أحق أن يتبع

3) أن الإسلام جوز للمرأة إذا كانت عاقلة راشدة أن تتصرف في مالها ، ومن باب أولى أن تتصرف في نفسها وبضعها ، فيرد عليهم من أين لكم هذا ؟ فهذا قياس باطل لا أصل له ، فالمرأة كما هو معروف تحكم عاطفتها أكثر من عقلها ، ولا يعرف الرجل إلا الرجل ، ونلاحظ لما أعطيت المرأة –حقوقها زعموا- كيف تردت في الرذيلة فيوم في حضن هذا وبعده في حضن ذاك ، فكلامكم هذا لا مسوغ له

4) أن من النساء من يأتيها الكفؤ ووليها يعضلها ، فنجيبهم أن الحمد لله جعل الله السلطان والحاكم وليها في هذه الحالة

فالحمد لله جعل الله حضور ولي الأمر عقد النكاح حفظا للدين والأنساب ، وحفظا للمرأة الضعيفة كي لا يلعب بها ذئاب البشر ، فلو سألنا أحدهم أيرضى لكريمته أن تتزوج بدون رضاه وبدون علمه ؟ لتهرب من الإجابة ، لأنه لا يرضى خوفا عليها وحفظا لها ، فالمرأة لؤلؤة مكنونة ، حافظ عليها الإسلام وبالغ في حفظها لقيمتها

الأدلة الواضحة في فساد وبطلان هذا النكاح

1) عدم صحة العقد بدون ولي :
-عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"لا نكاح إلا بولي" أخرجه الحاكم وصححه
لا نكاح إلا بولي أي لا صحة له إلا بعقد ولي فلا تزوج امرأة نفسها فإن فعلت فهو باطل وإن أذن وليها عند الشافعي كالجمهور خلافا للحنفية (فيض القدير)

2)عدم صحته بدون شاهدين :
وعن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" ذكره أحمد بن حنبل في رواية ابنه عبد الله
وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي لهن" رواه الدارقطني

قال الترمذي:"والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم قالوا لا نكاح إلا بشهود لم يختلفوا في ذلك من مضى منهم إلا قوم من المتأخرين من أهل العلم وإنما اختلف أهل العلم في هذا إذا شهد واحد بعد واحد فقال أكثر أهل العلم من الكوفة وغيرهم لا يجوز النكاح حتى يشهد الشاهدان معا عند عقدة النكاح وقد روى بعض أهل المدينة إذا شهد واحد بعد واحد فإنه جائز إذا أعلنوا ذلك وهو قول مالك بن أنس وغيره
وقال بعض أهل العلم يجوز شهادة رجل وامرأتين في النكاح وهو قول أحمد وإسحاق "

3) إبطال النبي صلى الله عليه وسلم هذا النكاح :
-وعن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا " اشتجرا" فالسلطان ولي من لا ولي له"رواهما الخمسة إلا النسائي، وحسنه الترمذي
-وروى الثاني أبو داود الطيالسي ولفظه:" لا نكاح إلا بولي وأيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له "

4) المبالغة في تحريمه :
كرر النبي صلى الله عليه وسلم أنه باطل ثلاث مرات للتأكيد والمبالغة في التحريم (تحفة الأحوذي) كما هو مبين في الحديثين السابقين

5) إجماع الصحابة على بطلانه:
قال بن المنذر: إنه لا يعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك (نيل الأوطار)

6) أن جمهور أهل العلم يرو بطلانه عدا أبا حنيفة:
وقد ذهب إلى هذا علي وعمر وبن عباس وبن عمر وبن مسعود وأبو هريرة وعائشة والحسن البصري وبن المسيب وبن شبرمة وبن أبي ليلى والعترة وأحمد وإسحاق والشافعي وجمهور أهل العلم فقالوا لا يصح العقد بدون ولي

وحكي في البحر عن أبي حنيفة أنه لا يعتبر الولي مطلقا لحديث الثيب أحق بنفسها من وليها ، وأجيب بأن المراد اعتبار الرضا منها جمعا بين الأخبار كذا في البحر (نيل الأوطار)

7) الزانية هي التي تزوج نفسها:
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها" رواه بن ماجه والدارقطني ورواها البيهقي موقوفة في طريق ورواها مرفوعة في أخرى
وعن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم :"قال البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة" رواه الترمذي موقوفا وروي عن قتادة مرفوعا

8) إقامة الحد على من تزوج هذا الزواج:
وعن عكرمة بن خالد قال جمعت الطريق ركبا فجعلت امرأة منهن ثيب أمرها بيد رجل غير ولي فأنكحها فبلغ ذلك عمر فجلد الناكح والمنكح ورد نكاحها رواه الشافعي والدارقطني
وعن الشعبي قال ما كان أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد في النكاح بغير ولي من علي كان يضرب فيه رواه الدارقطني
ولمالك في الموطأ عن أبي الزبير المكي أن عمر بن الخطاب أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمت
قال ابن تيمية : فلهذا كان عمر بن الخطاب يضرب على نكاح السر فإن نكاح السر من جنس إتخاذ الأخدان شبيه به لا سيما إذا زوجت نفسها بلا ولي ولا شهود وكتما ذلك فهذا مثل الذي يتخذ صديقة ليس بينهما فرق ظاهر معروف عند الناس يتميز به عن هذا فلا يشاء من يزني بأمره صديقة له إلا قال تزوجتها ولا يشاء أحد أن يقول لمن تزوج في السر إنه يزني بها إلا قال ذلك فلا بد أن يكون بين الحلال والحرام فرق مبين (كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه)

9) أن هذا النكاح جائز في حق النبي صلى الله عليه وسلم فقط
قال الله تعالى :" وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم فى أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما" (الأحزاب 50)
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله "خالصة لك من دون المؤمنين " يقول ليس لأي امرأة أن تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي صلى الله عليه وسلم كانت خاصة له صلى الله عليه وسلم من دون الناس
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله :"قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم " قال فرض عليهم أنه لا نكاح إلا بولي وشاهدين
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :"قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم "قال فرض عليهم أن لا نكاح إلا بولي وشاهدين ومهر (الدر المنثور)
بين سبحانه أن هذا النوع من النكاح خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم لايحل لغيره من أمته فقال :"خالصة لك من دون المؤمنين" أى هذا الإحلال الخالص هو خاص بك دون غيرك من المؤمنين..
وقد أجمع العلماء على أن هذا خاص بالنبى صلى الله عليه وسلم وأنه لايجوز لغيره ولا ينعقد النكاح بهبة المرأة نفسها إلا ماروى عن أبى حنيفة وصاحبيه أنه يصح النكاح إذا وهبت وأشهد هو على نفسه بمهر وأما بدون مهر فلا خلاف فى أن ذلك خاص بالنبى صلى الله عليه وسلم (فتح القدير)
"قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم " يعني أحكام النكاح من الصداق والولي والاقتصار على أربع وغير ذلك لكيلا يكون عليك حرج يتعلق بالآية التي قبله أي بينا أحكام النكاح لئلا يكون عليك حرج أو لئلا يظن بك أنك فعلت ما لا يجوز وقال الزمخشري يتعلق بقوله خالصة لك (التسهيل لعلوم التنزيل)

10) من لا ولي لها وليها السلطان:
لقوله صلى الله عليه وسلم :"فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له"
ولقوله صلى الله عليه وسلم زوجناكها بما معك من القرآن ، فعن سهل بن سعد الساعدي أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوهبت نفسها له فصمت فقال رجل يا رسول الله زوجنيها ان لم يكن لك بها حاجة قال ما عندك تعطيها قال ما عندي إلا ازاري قال ان أعطيتها ازارك جلست لا ازار لك فالتمس شيئا قال ما أجد شيئا فقال قد زوجناكها بما معك من القرآن (رواه الشيخان)
فالسلطان ولي من لا ولي له لأن الولي إذا امتنع من التزويج فكأنه لا ولي لها فيكون السلطان وليها وإلا فلا ولاية للسلطان مع وجود الولي (تحفة الأحوذي)
وروي عن أبي حنيفة أن ذوي الأرحام من الأولياء فإذا لم يكن ثم ولي أو كان موجودا وعضل انتقل الأمر إلى السلطان لأنه ولي من لا ولي له

11) من أعضلها وليها فالسلطان وليها:
لقوله صلى الله عليه وسلم "فإن اشتجروا " اشتجرا" فالسلطان ولي من لا ولي له"
فإن اشتجروا: أي الأولياء أي اختلفوا وتنازعوا اختلافا للعضل كانوا كالمعدومين(تحفة الأحوذي)
وعن معقل بن يسار قال كانت لي أخت تخطب إلي فآتاني بن عم لي فأنكحتها إياه ثم طلقها طلاقا له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها فلما خطبت إلي أتاني يخطبها فقلت لا والله لا أنكحكها أبدا
قال ففي نزلت هذه الآية :"وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " 232 الآية ، قال فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه رواه البخاري
وفيه في رواية للبخاري وكان رجلا لا بأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه وهو حجة في اعتبار الولي

والحديث يدل على أنه يشترط الولي في النكاح ولو لم يكن شرطا لكان رغوب الرجل في زوجته ورغوبها فيه كافيا وبه يرد القياس الذي احتج به أبو حنيفة على عدم الاشتراط فإنه احتج بالقياس على البيع لأن المرأة تستقل به بغير إذن وليها فكذلك النكاح وحمل الأحاديث الواردة في اشتراط الولي المتقدمة على الصغيرة وخص بهذا القياس عمومها ولكنه قياس فاسد الاعتبار لحديث معقل هذا ...وفي حديث معقل هذا دليل على أن السلطان لا يزوج المرأة إلا بعد أن يأمر وليها بالرجوع عن العضل فإن أجاب فذاك وإن أصر زوجها (نيل الأوطار)
وفيه أصرح دليل على اعتبار الولي وإلا لما كان لعضله معنى ولأنها لو كان لها أن تزوج نفسها لم تحتج إلى أخيها (فتح الباري)

12) الوكالة في النكاح:
وجملة ذلك أنه يجوز التوكيل في النكاح سواء كان الولي حاضرا أو غائبا مجبرا أو غير مجبر لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وكل أبا رافع في تزويجه ميمونة ووكل عمرو بن أمية في تزويجه أم حبيبة ولأنه عقد معاوضة فجاز التوكيل فيه
ويجوز التوكيل مطلقا ومقيدا فالمقيد التوكيل في تزويج رجل بعينه والمطلق التوكيل في تزويج من يرضاه أو من من يشاء (المغني)
فحتى وإن كان ولي المرأة غائبا ، لا يصح زواجها بدون رضاه وإذنه ، وشرع التوكيل رحمة بالعباد

13) لا تزوج المرأة المرأة :
صح عن عائشة أنها أنكحت رجلا من بني أخيها فضربت بينهم بستر ثم تكلمت حتى إذا لم يبق الا العقد أمرت رجلا فانكح ثم قالت ليس إلى النساء نكاح أخرجه عبد الرزاق الحديث الثاني (فتح الباري)
وعن أبي هريرة: لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها

14) تزويج عمر أمه أم سلمة رضي الله عنها:
لما خطب النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة قالت ليس أحد من أوليائي شاهدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"ليس من أوليائك أحد شاهد ولا غائب يكره ذلك" فقالت يا عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم فزوجها
وإنما زوجها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان بينه وبينها نسب لأنه كانت من قريش وإن كان بعيدا
وفيه دليل أنه معروف عندهم أن الولي شرط في النكاح

15) مفاخرة زينب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
وكانت زينب عند زيد بن حارثة ففارقها فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها نزلت فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها الأحزاب قال فكانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول زوجني الله من رسوله وزوجكن آباؤكن وأقاربكن (المستدرك على الصحيحين)

فيه دليل أن المرأة يزوجها أبوها أو قريبها

ماذا يترتب على من تزوج هذا الزواج من أحكام

1) يصحح النكاح : يفرقا إلى أن يصحح نكاحهما ، ولا يعتبر طلاقا ، لأن أصل العقد باطل

2) أن المرأة تستحق المهر بالدخول وإن كان النكاح باطلا لقوله فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها "رواه الخمسة إلا النسائي، وحسنه الترمذي

3) إقامة الحد : وهو مختلف فيه ، والأرجح أنهم يعذرون بجهلهم والله أعلم

4) الأطفال ينسبون لأبيهم ويورثون :
قال ابن تيمية : "فان المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج انه نكاح سائغ اذا وطىء فيه فانه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين وان كان ذلك النكاح باطلا فى نفس الأمر باتفاق المسلمين ...ومن استحله كان كافرا تجب استتابته ...فإن ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح فى نفس الأمر بل الولد للفراش كما قال النبى صلى الله عليه وسلم :"الولد للفراش وللعاهر الحجر "
...ومن نكح امرأة نكاحا فاسدا متفقا على فساده أو مختلفا فى فساده أو ملكها ملكا فاسدا متفقا على فساده أو مختلفا فى فساده أووطأها يعتقدها زوجته الحرة أو أمته المملوكة فإن ولده منها يلحقه نسبه ويتوارثان باتفاق المسلمين ...فهؤلاء الذين وطئوا وجاءهم أولاد لو كانوا قد وطئوا فى نكاح فاسد متفق على فساده وكان الطلاق وقع بهم باتفاق المسلمين وهم وطئوا يعتقدون ان النكاح باق لافتاء من افتاهم أو لغير ذلك كان نسب الأولاد بهم لاحقا ولم يكونوا أولاد زنا بل يتوارثون باتفاق المسلمين هذا فى المجمع على فساده فكيف فى المختلف فى فساده وان كان القول الذى وطىء به قولا ضعيفا كمن وطىء فى نكاح المتعة أو نكاح المرأة نفسها بلاولى ولا شهود فان هذا اذا وطىء فيه يعتقده نكاحا لحقه فيه النسب فكيف بنكاح مختلف فيه وقد ظهرت حجة القول بصحته بالكتاب والسنة والقياس وظهر ضعف القول الذى يناقضه وعجز أهله عن نصرته بعد البحث التام لا نتفاء الحجة الشرعية
فمن قال ان هذا النكاح أو مثله يكون فيه الولد ولد زنا لا يتوارثان هو وأبوه الوطىء مخالف لاجماع المسلمين منسلخ من رتبة الدين فان كان جاهلا عرف وبين له ان رسول الله وخلفاءه الراشدين وسائر أئمة الدين الحقوا أولاد أهل الجاهلية بآبائهم وإن كانت محرمة بالاجماع ولم يشترطوا فى لحوق النسب أن يكون النكاح جائزا فى شرع المسلمين (كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه)

وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

الخاتمة
وختاما أسأل الله أن يصلح شباب ونساء أمتنا ، وأن يهديهم للصراط المستقيم
وأسأل الله أن يجعل بحثي هذا نورا وهدى لكل مريد للحق
وأن يجعله خاصا لوجهه الكريم
اللهم اجعل كل ما كتبته وكل ماسأكتبه خالصا لوجهك ، وثقل بها موازيني يوم لا ينفع مال ولا بنين إلا من أتى الله بقلب سليم

وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

الإسطوانات الدعوية